بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الحمد لله رب العالمين، الحمد لله مرسل النبي الأمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء، الحمد لله منجي عباده الصالحين الصادقين. الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب. أخي المسلم: إن العقيدة الصافية الخالية من الشرك والانحرافات والضلالات، والقائمة على إفراد الله سبحانه وتعالى في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وعلى الكفر بما يعبد من دونه، والبراءة من الشرك هي الأساس الصحيح للإسلام. قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الزمر. ثم تتبع العقيدة بالأعمال الصالحات وتجنب المحرمات مهتدين بكتاب الله وسنة نبيه محمد ، وهذا هو الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين جمعنا الله وإياهم في جنانه يوم الدين، آمين. وإن ديننا كامل ونعمة الله علينا تامة قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3]. وإن ديننا واضح جلي ناصع، لا تشوبه شائبة، قال : «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضو عليها بالنواجذ...» سنن ابن ماجه. فلنبدأ أخي الحبيب بإصلاح أنفسنا بأن نجعل القرآن الكريم دستور حياتنا، ونعيش معه تلاوة وتدبرًا وحفظًا وتطبيقًا مهتدين بسنة نبينا محمد  في بيوتنا ومقار أعمالنا، وبين أهلينا ومجتمعنا وفي جميع شئوننا، ونربي أولادنا تربية إسلامية صحيحة، ونكون لهم قدوة حسنة فتصلح أسرنا وأهلنا، ومن ثم يصلح المجتمع إن شاء الله. العقيدة الصافية: اعلم أخي المسلم أن الله أرسل الرسل ليدعوا إلى توحيده وإخلاص العبادة له سبحانه، وتوحيد الله أيها الأخ الحبيب هو إفراده سبحانه بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات والعبادة، ومنها الدعاء. قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي لا نعبد إلا أنت، ولا نستعين إلا بك وحدك، وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]. فالله الخالق هو المستحق للعبادة وحده، والعبادة: كالدعاء، «الدعاء هو العبادة»، قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا. والذبح، قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. والنذر، قال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ. والاستعانة، قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. والاستغاثة، قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ. والاستعاذة، قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. والرجاء، قال تعالى: يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا. والتوكل، قال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. والرغبة والرهبة والخشوع، قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ. والخشية، قال تعالى: فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي. والإنابة، قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ. والخضوع والتوبة، ولا يجوز صرف شيء منها لغير الله، فالتوحيد الخالص من شوائب الشرك والبدع هو أساس الدين الذي لا يقوم الدين إلا عليه، ولا يصح للعبد إسلام، ولا يقبل منه صلاة ولا زكاة ولا صوم ولا حج، ولا يؤجر على عمل حلال يعمله ما لم يكن موحدًا لله، ذلك لأن غير الموحد مشرك، والمشرك حبط عمله، وذنبه غير مغفور. قال تعالى لنبيه : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الزمر. وقال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأنعام. والرسل أولهم نوح عليه السلام أرسله الله إلى قومه لما أشركوا بالله في العبادة، فجعلوا يعبدون الأصنام ويدعونها من دون الله، وكانت أصنامهم تمثل بعض الصالحين عندهم، فلما مات هؤلاء جعلوا لهم هذه الأصنام يعبدونها لتقربهم إلى الله ولتكون واسطة بينهم وبينه سبحانه وتعالى؛ مع علمهم بأن الله هو الخالق وهو الرازق، وهو المحي والمميت وهو مدبر الأمر، ومع علمهم أن السموات ومن فيهن، والأرض ومن عليها ملك لله وحده فلم يغن عنهم ذلك شيئًا بسبب شركهم بالألوهية «العبادة». وآخر الرسل محمد  أرسله الله سبحانه إلى الناس كافة، ومنهم أناس كانوا يتعبدون ويحجون ويتصدقون، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقين وسائط بينهم وبين الله، فيقولون هؤلاء ليقربونا من الله، نريد شفاعتهم مثل الملائكة، وعيسى، ومريم، وغيرهم من الصالحين فبعث الله نبينا محمد  ليخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد هو محض حق لله لا يصلح منه شيء لغيره، لا لنبي مرسل ولا لملك ولا للصالحين( ). قتال المشركين: قاتل رسول الله المشركين مع ما يقرون به من توحيد الربوبية، فلنقرأ قوله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ يونس، فهم أقروا توحيد الربوبية وجحدوا توحيد الألوهية. فالرسول محمد  قاتلهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، قال تعالى: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا الجن، وقال: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ [الرعد: 14]، وهكذا قاتلهم الرسول  ليكون الدعاء كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة والتوكل وجميع أنواع العبادة لله وحده( ). ولا إله إلا الله تعني إفراد الله تعالى بالعبادة، والكفر بما يعبد من دونه والبراءة من الشرك، وهكذا فليس يكفي التلفظ بها دون العمل بمقتضاها. فالتوحيد هو أعظم فريضة جاء بها الرسول ، وهو أعظم من الصلاة والزكاة والصوم والحج، ومن جحد التوحيد فقد كفر، وكذلك إذا صدق الإنسان رسول الله  في شيء، وكذبه في شيء فقد كفر، أو آمن ببعض القرآن وجحد بعضه فقد كفر أيضًا، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا [النساء: 150]. ولقد قاتل أصحاب رسول الله  بني حنيفة وقد أسلموا مع رسول الله  وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وكانوا يؤذنون ويصلون، ولكنهم بعدها قالوا: إن مسيلمة نبي. ونفر آخر تخلف عن غزوة تبوك، قالوا كلمة استهزؤوا بها بالنبي  وأصحابه، وذكروا أنهم قالوها عن طريق المزاح، فأنزل الله تعالى فيهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [التوبة: 65-66]. التوحيد بالقلب واللسان والعمل: فالتوحيد يجب أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإذا اختل أي منها لم يكن الرجل مسلمًا، فإذا عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند مثل فرعون وهامان وأمثالهما، ولا تقبل الأعذار في عدم العمل به كمن يخاف من نقص المال أو الجاه، أو يخاف أن يلحق به أذى...إلخ( ). قال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ البقرة، وأما من عمل عملاً ظاهرًا حسنًا وهو يبطن الكفر، ولا يعتقد التوحيد في قلبه فهو منافق، قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [النساء: 145]، وقال تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [النحل: 106-107]، فلم يعذر الله سبحانه هؤلاء إلا من أكره على الكفر مع كون قلبه مطمئنًا بالإيمان، وأما من دخل الكفر قلبه فقد كفر بعد إيمانه مهما كان السبب، طمعًا أو خوفًا، أو مداراة لأحد، مثل أهله أو قومه أو عشيرته أو ماله، أو فعل ذلك على سبيل المزاح. الإسلام دين التفكر: والإسلام يا أخي الحبيب هو خاتم الأديان السماوية نزل على نبينا محمد  ليوثق العلاقة بين الخالق والمخلوق على أساس العقيدة الصادقة، والعبادة الخالصة، وليوثق العلاقة بين المخلوق والمخلوق على أساس العدل والرحمة، ودعانا إلى الإيمان بالله الذي خلقنا وسوانا ومنحنا حواسنا وقوانا، وأنعم علينا ورعانا، ويعلم ظواهرنا وخفايانا، قال تعالى: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. ويعتمد الإسلام استثارة العقل والسمع والبصر والحواس والتفكر في آيات الله الكونية والتنزيلية ليهتدي العبد إلى ربه، قال تعالى: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ، وقال: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ [الروم: 8]. وينعى القرآن على من يغفلون حواسهم ويهملون عقولهم فيشبههم بالأنعام قال تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف: 179]. بعض من آيات الله في الأرض: فلنتفكر يا أخي الحبيب في الكون وما فيه من نظام دقيق، فالنجوم تسير في مسارات محددة، وتسير من حولها الكواكب التابعة لها بدقة ونظام تام، والأرض تجري في مسار محدد حول نفسها، فيكون الليل والنهار آيتين من آيات الله سبحانه، ويجري من حولها القمر فيدلنا على مواقيت الشهر، ولبعد الأرض عن الشمس مقدار مناسب لا يزيد ولا ينقص، فلو زاد هذا البعد لتجمدت المحيطات، وأصبح الجو بارداً جدًا يصعب على الإنسان العيش فيه، ولو نقص تبخرت المحيطات والأنهار وأصبح الجو حارًا جدًا يصعب على الإنسان العيش فيه، والأرض بعد ذلك مذللة ومهيأة بقدر الله سبحانه وإرادته، ولا نعرف لحيننا كوكبًا آخر على مثلها من الجمال وبديع الصنع. فالبخر يحدث بإذن الله من البحار فيتشكل السحاب ثم تجري به الريح بأمر ربها إلى اليابسة ليسقط مطرًا أو بردًا أو ثلجًا أبيض ناصعًا، واليابسة عليها التربة، وهذه – بما شاء الله لها – التركيبة العجيبة في الخواص الفيزيائية والكيميائية وما تحتويه من العناصر مهيأة لأن تكون خصبة فينبت بها الزرع والأشجار والخضار، والرطب واليابس أصنافًا كثيرة جدًا متنوعة الطعم والمنظر، شهية للإنسان والدواب وغيرها، فتسد حاجة الإنسان من الطعام وتنفجر الينابيع العذبة الرقراقة، وتجري الأنهار فيشرب منها الإنسان والدواب وينتفع بها لحاجات أخرى، سبحان الله! أليس هذا مترابطًا ويدل على خالق عظيم... بلى والله. والأرض أيضًا لها «جاذبية أرضية» معتدلة المقدار، لا يطير الإنسان وغيره عنها لمجرد الحركة فيقع ببعد ذلك ويتأذى، ولا يحتاج لعناء شديد كي يتحرك عليها، فهي مضبوطة الجاذبية للحفاظ على الحياة عليها. وللأرض غلاف جوي يحيطها ويحميها من الإشعاعات الضارة بالأحياء جميعًا، وفيه أيضًا غازات محددة التركيز، فالأوكسجين بتركيزه الحالي مناسب لحياة الإنسان، فالزيادة الشديدة منه تتلف الرئة وغيرها من أعضاء الجسم، والنقص الشديد به تتعذر الحياة معه، وهو ثقيل ملاصق للأرض تكون نسبته أعلى في الوديان منها في الجبال، لذا يبذل سكان الجبال جهدًا في الصدر للحصول عليه، فتكون صدورهم أضخم من سكان الوديان، وينقص بشدة خطيرة كلما صعدنا في السماء، فلنسمع معجزة القرآن أيها الأخ الحبيب، قال تعالى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125]. وفي أنفسكم أفلا تبصرون: والإنسان يا أخي الحبيب فسبحان الله خالقه لما فيه من الآيات العجيبة ولما في خلقه من الدقة وبديع الصنع، فهو مجموعة من الأجهزة كالهضم والتنفس والكلية والسمع والبصر والذوق والتناسل والعضلات وغيرها، يسيطر عليها وينظم عملها الجهاز العصبي المركزي، وبمؤازرة الجهاز العصبي الذاتي الذي ينظم بعضها كالقلب والتنفس وحركة الأمعاء وغيرها؛ حيث إنها تعمل ذاتيًا وتتأثر بالخوف والقلق والسرور...إلخ، والجهاز الغدي كالغدة الدرقية والخصيتين والمبيض والكظر، فيسيطر عليها وينظم عملها الغدة النخامية حيث إنها تفرز هرمونات تحرض هذه الغدد على العمل عند تقصيرها، وهرمونات أخرى تثبطها عند زيادة إفرازها وفق آلية عمل دقيقة جدًا وعجيبة، وأما كمية هذه الهرمونات فهي أجزاء صغيرة من الملغرام، وأما الأعراض المرضية التي نراها عند الخلل في عمل أحدها – عافانا الله وإياك يا أخي المسلم – منها البنكرياس فقصوره يؤدي إلى الداء السكري وقصور الهضم، وزيادة عمله تؤدي إلى هجمات نقص السكر والإغماء والصرع... وكذا باقي الغدد كل منها ضروري لنمو الإنسان وتطوره وتناسله وعافيته. فهذه آيات عظيمة من آيات الله سبحانه وتعالى. وفي الكلية آية أخرى فهذه بها القشر والكؤيسات والحويضة، والقشر مؤلف من مليون من النفرونات وهذه مؤلفة من الكبة وعروة هنلي والأنبوب القريب والأنبوب البعيد، وهي تقوم بعمل ضروري ودقيق حيث تخلص الدم من الفضلات مثل البول ومركبات الآزوت السامة والمعادن والأدوية وغيرها من السموم الناتجة عن الاستقلاب في الجسم، فتطرحها في البول، كما تحافظ على تركيز محدد ودقيق للماء والشوارد في الدم، فمثلاً في الشتاء تطرح الكلية كمية أكبر من الماء، فيزداد البول عند الإنسان لأن التعرق أقل من الصيف حيث يفقد الماء بشدة لكثرة التعرق، فتقوم الكلية بالحفاظ عليه، ويقل البول لدى الإنسان. وتقوم الكلية بالمحافظة على الشوارد محافظة دقيقة نرى منها مثلاً شاردة البوتاسيوم مقدارها الطبيعي بالدم (3.5 حتى 5) ميلي مول/ليتر إذا زاد عن (6.5) أدى ذلك إلى اضطراب في نظم القلب أو موت مفاجئ، وإذا نقص عن (2.5) تظهر لدى المريض أعراض الألم في العضلات والتكرز واضطرابات في نظم القلب، ومثل هذه الشاردة العشرات حيث تقوم النفرونات بالمحافظة عليها بآلية ذكية وبالتعاضد مع الغشاء الخلوي... أليس هذا أمرًا عجيبًا يدعو إلى الإيمان بخالق عظيم. والإسلام أيها الأخ الحبيب أمرنا أن نفتح عقولنا وأذهاننا وأبصارنا، فلا ندخل فيه إلا عن بصيرة، قال تعالى: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ [الروم: 8]، وهكذا آمن أسلافنا الأوائل إيمانًا راسخًا فتح عقولهم وأرهف حواسهم ووصلهم به سبحانه وبالعالم من حولهم. أين الله: الله في السماء فوق العرش، قال تعالى: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ [الأنعام: 3]، وقال سبحانه: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل: 50]، وقال: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الملك: 16]، وقال سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5]، وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى في تفسيرها: الاستواء معلوم والكيف غير معقول والإيمان به واجب، وقيل: السؤال عنه بدعة. وقال : «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». رواه الترمذي. وسأل رسول الله  جارية فقال لها: «أين الله؟» فقالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها فهي مؤمنة». رواه مسلم. وقال : «والعرش فوق الماء، والله فوق عرشه، وهو يعلم ما أنتم عليه». رواه أبو داود. وأما معنى قوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد: 4]؛ أي: رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم، الجميع في عمله على السواء، وتحت بصره وسمعه. أركان الإيمان: 1- أن تؤمن بالله «بوحدانيته في العبادة والصفات والأسماء». 2- وملائكته «مخلوقات من نور تنفذ أوامر الله» ولا تعصيه. 3- وكتبه مثل: «التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وهو أفضلها»، والناسخ لها المهيمن عليها. 4- ورسله، وآخرهم محمد ، ورسالته الإسلام التي نسخت ما قبلها من الرسالات. 5- واليوم الآخر «يوم القيامة لمحاسبة الناس على أعمالهم». 6- القدر خيره وشره «الرضا بالقدر خيره وشره؛ لأنه بتقدير الله وحكمته مع الأخذ بالأسباب». صفـات الله تعـالى: ومن عقيدة المسلمين أهل السنة والجماعة الإيمان بصفات الله سبحانه بما وصف نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد  من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ بل يؤمنون بأن الله سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفء ولا ند له، ولا يقاس بخلقه. ولا يعـدلون عن ما جاء به الرسل، فهو الصراط المستقيم. قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وقال سبحانه: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255]، وقال: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وقال: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا. وفي كتاب الله المزيد لمن طلب من صفاته جل وعلا. وفي سنة رسوله  قال : «لله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن التائب من أحدكم براحلته» رواه أحمد، وقال : «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فاغفر له؟» رواه البخاري، وقال : «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة»، وقال : «لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله»، وفي رواية: «عليها قدمه فيزوي بعضها إلى بعض فتقول: قط قط» رواه أحمد، وقال : «أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت». القرآن كلام الله: ومن الإيمان بالله وكتبه: الإيمان بأن القرآن كلام الله منزلٌ غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة، وهو كلام الله حروفه ومعانيه، وليس الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف( ). ومن الإيمان أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عيانًا بأبصارهم كما يرون الشمس صحوًا، يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة، ويرونه بعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى. الإيمان باليوم الآخر: ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي  مما يكون للموت من سكرات، ومما يكون من فتنة القبر وعذابه أو نعيمه. فالناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد نبي، وأما المرتاب فيقول: هاه! هاه! لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت، فيضرب بمزربة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق، ثم بعدها إما نعيم وإما عذاب حتى تقوم القيامة، فتعاد الأرواح إلى الأجساد( ). ويوم القيامة كما أخبرنا ربنا في القرآن وعلى لسان نبيه محمد  حيث يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً، وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق، فتنصب الموازين لتوزن بها الأعمال، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، وتنشر الدواوين «صحائف الأعمال» فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو وراء ظهره، قال سبحانه: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا، ويحاسب الله الخلائق، ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه، وأما الكفار فلا حسنات لهم لتوزن، ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها. وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ، ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء طوله شهر وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا. والصراط منصوب على متن جهنم، وهو الجسر المنصوب فوق جهنم، يمرّه الناس على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يزحف، ومنهم من يخطف خطفًا ويلقى في جهنم، فالجسر عليه كلاليب تخطف خطفًا ويلقى في جهنم، فالجسر عليه كلاليب تخطف الناس حسب أعمالهم، ومن عبر الصراط دخل الجنة. فإذا عبروه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة. وأول من يستفتح باب الجنة محمد ، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته، وله ثلاث شفاعات: اثنتان تخصانه ، والثالثة يشفع فيمن يستحق النار، وهي له ولسائر الأنبياء والصديقين والشهداء وغيرهم. فيشفع فمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها( ). الإيمان بالقضاء والقدر: ويؤمن المسلمون أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره، وهو على درجتين: الأولى: الإيمان بأن الله سبحانه عليم بالخلق، وهم عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلاً وأبدًا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ أقدار الخلق، فأول ما خلق الله القلم قال: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، وإذا خلق جسد الجنين قبل نفخ الروح فيه بعث الله إليه ملكًا فيؤمر بأربع كلمات فيقال اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ونحو ذلك. والدرجة الثانية: هي مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه، لا يكون في ملكه ما لا يشاء، فهو سبحانه خالق ما في الكون فلا رب سواه. ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته. وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ويرضى عن المؤمنين الذين يعملون الصالحات ولا يحب الكافرين ولا الفاسقين ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد. والعباد فاعلون حقيقةً، والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، كما قال تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ، ولا يجوز تكذيب هذا كما فعل القدرية «مجوس هذه الأمة» كما سماهم النبي ، ولا يجوز الغلو فيها حتى ما تسلب قدرة العبد واختياره( ). الإيمان قول وعمل: والمسلمون أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الإيمان قول وعمل، «إقرار بالقلب وقول باللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح بالأركان، وتركٌ للمعاصي». وهو يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وهم لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعل الخوارج؛ بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، وقال سبحانه: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ، ولا يسلبون الفاسق الإسلام بالكلية، ولا يخلدونه بالنار كما يقول المعتزلة، وإنما الفاسق قد يدخل في اسم الإيمان المطلق كما قال تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق كما قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. قال : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرفٍ يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن» رواه مسلم وغيره، فنقول هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم( ). ومن أصول المسلمين أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله  مما وصفهم الله به: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، وقوله : «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» رواه البخاري. ويؤمنون بأن الخلفاء بعد رسول الله : أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم جميعًا دون طعن في خلافة أي منهم، وفي ما جاء من فضلهم وفضل أمهات المؤمنين قال : «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» رواه مسلم. ويتبرؤون من طريق الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون. ويعتقدون أن كل واحد من الصحابة ليس بمعصوم من كبائر الإثم وصغائره، وهم مغفور لهم إن شاء الله لما سبق لهم من الفضائل، وإنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها عند الله ( ). وأهل السنة والجماعة يصدقون بكرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات إلى يوم القيامة. وأهل السنة والجماعة يتبعون آثار رسول الله  ظاهرًا وباطنًا، ويتبعون سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ويتبعون وصية محمد  حيث قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة» رواه أبو داوود. ويؤثرون كلام الله على غيره، ويقدمون هدى محمد  على هدى كل أحد، ويعتمدون الإجماع. والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشر في الأمة. ويزنون بهذه الأصول الثلاثة: الكتاب، والسنة، والإجماع جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال ظاهرة وباطنة. وهم مع هذا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويرون إقامة الحج، والجمع، والأعياد، ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا». وشبك بين أصابعه، رواه البخاري. ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمرّ القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله : «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا» رواه الترمذي. ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو من ظلمك( ). ويأمرون ببر الولدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بُعث به محمد ، ولما أخبرهم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، أو قال: «هم ما كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي». وصار المتمسكون بالإسلام الخالص، وبعقيدته الخالصة من الشوائب هم أهل السنة والجماعة، وفيهم قال : «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة» رواه مسلم. نسأل الله أن يجعلنا منهم، ويهدينا بهداه. آمين. وهذه بعض المحرمات التي وقع بها كثير من الناس: اعلم أخي الحبيب أن الله تعالى كما افترض علينا الفرائض حرم علينا المحرمات، وتوعد مرتكبيها بالوعيد الشديد، والعذاب الأليم؛ حيث إن منها ما هو مخرج من ملة الإسلام: 1- الشرك بالله: وأخبرنا سبحانه أنه لا يغفره أبدًا، وأنه يحبط كل عمل صالح، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 116]. 2- الذبح لغير الله: وهو شرك بالله، كمن يذبح لأهل القبور أو للجن أو غيرها، قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام، ]، وقال سبحانه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: ]. 3- الحلف بغير الله: شرك به سبحانه وتعالى، كمن يحلف بشرفه، أو بالنبي ، أو الحياة، أو الكعبة أو الأمانة معتقدًا أنها أعظم من الله أو مساوية له. قال : «من حلف بغير الله فقد كفر، أو أشرك» رواه الترمذي. 4- الاستهزاء بالدين أو بشيء منه أو بأهله: وهو كفر، قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة: ]. 5- الحكم بغير ما أنزل الله: قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: ]. 6- موالاة الكفار وتصحيح مذهبهم والتشبه بهم: قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة: 51]. وقال : «من تشبه بقوم فهو منهم» رواه أبو داوود. 7- تصديق الكهنة والعرافين والمنجمين فيما يدَّعون من علم الغيب الذي استأثر الله به: قال الله تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65]. 8- تعليق التمائم والحروز مع الاعتقاد بأنها ترد الأذى أو تدفع العين والحسد: قال : «من علق تميمة فقد أشرك». رواه أحمد. 9- دعاء غير الله من الأولياء أو الصالحين أو أصحاب القبور أو غيرهم؛ بقصد تفريج الكرب أو قضاء الحاجات: قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف: 5]. 10- التكذيب بالله أو التكذيب برسوله أو بشيء مما جاء به، أو السخرية منه، أو مساواة هديه بهدي آخر، أو التكذيب بالكتب المنزلة من عند الله أو ببعضها، أو التكذيب بالقضاء والقدر أو عذاب القبر، والبعث والميزان والصراط وغيرها من أمور الآخرة. 11- تحريم خروج المرأة متزينة أو متعطرة إلى المسجد أو مجامع الناس كالأسواق: قال : «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان» رواه الترمذي. وقال : «أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فيوجد ريحها فهي زانية، وكل عين زانية». رواه الدارمي. وقال : «يا أيها الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد، فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبست نساؤهم الزينة، وتبخترن في المساجد». رواه ابن ماجة. ويحب إقرارهن بالبيوت إلا لحاجة، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33]. 12- تحريم خلوة المرأة بالرجل الذي ليس محرمًا لها: قال : «لا تخلو رجل بامرأة إلا معها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» رواه أحمد، وقال : «والذي نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما» رواه الطبراني. 13- السفور مخالفة لأمر الله والحجاب واجب: قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب ]. وقال : «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء». والوجه من أعظم زينة المرأة، والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ولا يجوز النظر إلى المرأة إلا في بعض الحالات المباحة، كالنظر بقصد الزواج، أو الشهادة، أو العلاج، ومن معجزات رسول الله  ما أخبرنا به بالحديث الشريف قال : «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلاتٌ مميلاتٌ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»، رواه مسلم. فهذان الصنفان لم يرهما رسول الله  في حياته، منهم النساء الكاسيات بما عليهن من ثياب قصيرة، عاريات بما ظهر من أجسادهن، أو شبيهة بالعري، لأن العري قد يكون أقل فتنة من لبس ما يلبسونه، فيسترون به القبيح، ويظهرون به الفتان، وهو لباس الكافرات الغربيات، ومعهن المنتسبات للإسلام المتشبهات بهن. 14- ترك الصلاة مع الجماعة في المسجد: اعلم أخي المسلم أن الصلاة للرجال مع الجماعة واجبة، ولا يعذر من تخلف عنها إلا المريض، أو الخائف على نفسه أو أهله أو ماله، أو ما هو مستحفظٌ عليه، أو فوات رفقته، وقد أمر الله بها جماعة في حال الخوف ومواجهة العدو، فكيف بها دون ذلك. وفي حال كثرة المطر والوحل يقدم العشاء عن وقته من أجل الجماعة الذين يشق عليهم الرجوع إلى المسجد. قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، وويل هو وادٍ تستعيذ جهنم من حرّه، وهذا الويل للذين يتهاونون بالصلاة ويؤخرونها عن وقتها. وقال : «أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم انطلق معي رجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» متفق عليه، فلو لم تكن الصلاة واجبة مع الجماعة لما همَّ النبي  بإحراق المتخلف عنها؛ لأن العقوبة لا تكون إلا لترك واجب. روى مسلم في صحيحه قال: أتى النبي  رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله  أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له فلما ولى، دعاه فقال: هل تسمع النداء؟ قال نعم. قال (فأجب). وقال : «من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر». رواه ابن ماجة. والعذر: الخوف أو المرض. 15- حلق اللحى: ففي الصحيحين قال : «حفوا الشوارب واعفوا اللحى»، وكره  النظر إلى رسولي كسرى لما رآهما قد حلقا لحيتيهما، وأطالا شاربيهما، وقال لهما: «ويلكما من أمركما بهذا؟» قالا: أمرنا ربنا – يعنيان كسرى – فقال النبي : «ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي». 16- الغناء والعزف والاستماع إلى ذلك: وسواء كان المغني رجلاً أو امرأة ... لأن الغناء وآلات اللهو كالعود والمزمار والكمنجة وغيرها لهو باطل؛ يصد عن ذكر الله. ويورث في القلب حب الدنيا، ويبعد عن القلب ذكر الله وحلاوة القرآن. قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ، وقد فسر ابن عباس وابن مسعود لهو الحديث بالغناء والمزامير. 17- لبس الذهب والحرير للرجال: قال : «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده» رواه مسلم، عندما رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه. 18- التصوير واقتناء الصور: جاء في الأحاديث الصحيحة أن كل مصور في النار، وأن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورين: قال : «إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة»، وقال  لعلي -رضي الله عنه-: «لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته»، وقال : «أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله»، وهم الرسامون والمصورون وصانعو التماثيل، ويستثنى منها صور المناظر الطبيعية التي ليس بها صور إنسان ولا حيوان، أو الصور للهوية وجواز السفر وما سواها للضرورة من الطب والقضاء والشرطة، ويستثنى لعب الأطفال المصنوعة بالبيت من الخرق والثياب التي على شكل طفلة أو سواها من الأشكال غير المجسمة. 19- التدخين حرام: وذلك من أربعة وجوه: 1- أنه ضار بالبدن، مسبب للسرطان في الرئة والقصبات، ومسبب لأمراض القلب والشرايين، والانتفاخ الرئوي، والتهابات القصبات الحادة والمزمنة والبلعوم، وهي أهم مسبب لسرطان المثانة، ومرض العصيدة الشريانية لجميع أجهزة الجسم كالدماغ والهضم وغيرها، ومسبب الموت المفاجئ. قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ النساء. وقال : «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة» رواه البخاري. 2- التدخين مفتر ومركن: وقد حرمت المركنات والمسكرات قال تعالى: وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة: 219]. 3- التدخين من الخبائث: فهو خبيث الرائحة، ضار بالبدن، يقرب صاحبه من جلساء السوء، ويبعده عن الصالحين، قال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف]. 4- التدخين مبذر للمال، وفيه إسراف: قال تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ. فاستعن بالله يا أخي المبتلى على ترك مرض التدخين بتركه، فمن ترك شيئًا لله أعانه الله عليه وعوضه الله خيرًا منه، وأكثر من الدعاء وتب إلى الله، فإنه معينك وناصرك. 20- ومن المحرمات ( ): قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وترك الصلاة، ومنع الزكاة، وعقوق الوالدين، وأكل الربا، والتعامل به والإعانة عليه، وأكل مال اليتيم ظلمًا، وإفطار رمضان بدون عذر، والتولي يوم الزحف، والزنا، واللواط، وشرب الخمر، وشهادة الزور، والكذب، والخيانة، والكبر، والحسد، والغيبة، والنميمة، وقطع الرحم، وقذف المحصنات، وتغيير منار الأرض، والطيرة، والقمار، والإسبال، وأذية المسلمين وشتمهم. كيف نربي أولادنا ( )؟ إنها الأمانة الكبرى يا أخي الحبيب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم، والأب والأم والمعلم والمجتمع مسؤولون أمام الله عن تربية الأبناء، فإن أحسنوا تربيتهم سعدوا في الدنيا والآخرة، وإن أهملوا تربيتهم شقوا في الدنيا والآخرة، وكان الوزر في أعناقهم. قال : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» رواه البخاري. وبشرى لك أيها المعلم بقوله : «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم» رواه البخاري. وبشرى لكما أيها الأبوان بالأجر العظيم، قال : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم. وليكن إصلاحك لنفسك أيها المربي أولاً: فإن تصرفك وأقوالك، وعبادتك قدوة للأولاد، فسلوك المعلم والأبوين هي أفضل تربية لهم. وأهم الطرق في التربية هي: أ- تأسيس عقيدة الطفل على ما يلي: 1- تعليم الطفل النطق بـ: «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وإفهامه معناها عندما يكبر: «لا معبود بحق إلا الله». 2- غرس محبة الله والإيمان في قلب الولد؛ لأن الله خالقنا ورازقنا ومغيثنا وحده لا شريك له، وهو المعبود بحق. 3- ترغيب الأولاد في الجنة: وأنها جميلة تعطى لمن صلى وصام وأطاع والديه، وعمل بما يرضي الله. وتحذيرهم من النار، وأنها لمن ترك الصلاة وعق والديه، وأسخط الله، واحتكم لغير شرعه، وأكل أموال الناس بالغش والكذب والربا. 5- تعليم الأولاد أن يسألوا الله ويستعينوا به وحده لقوله  لابن عمه: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» رواه الترمذي. ب- تعليم الأولاد الصلاة: 1- تعليم الصبي والبنت الصلاة منذ الصغر، قال : «علموا أولادكم الصلاة إذا بلغو سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرًا، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أبو داود. ويشمل تعليم الوضوء والصلاة أمامهم، والذهاب إلى المسجد معهم، وترغيبهم بها. 2- تعليم الأولاد القرآن الكريم، كسورة الفاتحة، وسور أخرى قصيرة الآيات، والتحيات، وتحفيظهم القرآن وتجويده. 3- تشجيع الأولاد على الصلاة بالجمع والجماعات في المسجد وراء الرجال، ونصطبر عليهم، فلا نزعجهم، أو نصرخ بهم لئلا يتركوا الصلاة ونأثم. ج- التحذير من المحرمات: 1- تحذير الأولاد من الكفر والسب واللعن، والكلام البذيء، وأنه حرام يدخل النار، وتعليمهم حفظ ألسنتهم, ونحن دومًا قدوة حسنة لهم. 2- تحذير الأولاد من الميسر بأنواعه، كاليانصيب والطاولة والورق وغيرها؛ لأنها تجر إلى القمار. 3- منع الأولاد من قراءة المجلات الخليعة، والصور المكشوفة، والقصص البوليسية والجنسية، ومنعهم منها في السينما والتلفزيون والقنوات الفضائية؛ لضررها الشديد على أخلاقهم ومستقبلهم. 4- تحذير الأولاد من التدخين، وأنه ضار كريه الرائحة، منخر للأسنان وليس منه فائدة. 5- تعويد الأولاد الصدق قولاً وعملاً، ولا نكذب عليهم ولو مازحين ونفي بوعودنا دائمًا. 6- عدم إطعامهم المال الحرام من الرشوة أو الربا أو السرقة أو الغش، فيكون ذلك سببًا لشقائهم وتمردهم. 7- تحذيرهم من الشرك بالله كالدعاء والاستغاثة بغير الله، وإنما دائمًا ندعو الله وحده ونستعين به وحده. 8- تعليم البنات الستر من الصغر لتلتزمه بالكبر، ولا تلبس القصير تشبهًا بالكافرات، فالمنديل [الخمار] منذ السابعة، وتغطية الوجه عند البلوغ؛ مع اللباس الفضفاض لتحفظ شرفها. 9- توصية البنات بعدم التشبه بالأولاد، وكذلك الأولاد عدم التشبه بالبنات باللباس والعادات وغيرها. د- الآداب: 1- نعود الطفل استعمال اليد اليمنى في الأخذ والعطاء والأكل والشرب والكتابة والضيافة، وتعليمه التسمية أول كل عمل خصوصًا الطعام والشراب، وأن يكون قاعدًا، وأن يحمد الله عند الانتهاء. 2- تعويد الطفل النظافة وقص الأظافر، وغسل اليدين قبل الطعام وبعده. 3- تعليمه الاستنجاء، وأخذ الورق بعد البول ليمسحه، أو الغسل بالماء لتصح صلاته، ولا يترك النجاسة. 4- أن ننصحهم بلطف وسرًا، فلا نفضحهم إن أخطؤوا، فإن أصروا على العناد تركنا الكلام معهم ثلاثة أيام لا نزيد. 5- أمر الأولاد بالسكوت عند الأذان وإجابة المؤذن بمثل ما يقول: ثم الصلاة على النبي ودعاء الوسيلة له. 6- التفريق بين الجنسين في المضاجع في سن العاشرة، فيخصص غرفة للبنات، وأخرى للبنين؛ حفظًا لأخلاقهم وصحتهم. 7- تعويد الولد على رفع الأذى عن الطريق، وأن لا يلقي الأوساخ في الطريق. 8- التحذير من رفاق السوء, ومرافقتهم، ومنعهم من الوقوف في الشوارع. 9- تعليمهم السلام؛ سلام أهل الجنة: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته». 10- توصية الولد بالإحسان إلى الجيران وعدم إيذائهم. 11- تعويد الولد إكرام الضيف واحترامه، وتقديم الضيافة له. 12- الشجاعة والجهاد: أ- يفضل تخصيص جلسة للأسرة يقرأ بها كتابًا في سيرة الرسول ، وسيرة أصحابه، ليعلموا أنه القائد الشجاع، وأن أصحابه كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية فتحوا بلادنا، وكانوا سببًا في هدايتنا، وانتصروا بسبب إيمانهم وقتالهم وعملهم بالقرآن والسنة وأخلاقهم العالية. ب- تربية الأولاد على الشجاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا يخافوا إلا الله، ولا يجوز تخويفهم بالأكاذيب والأوهام والظلام. ج- غرس حب الانتقام من اليهود والظالمين في نفوس أبنائنا، وأنهم سيحررون فلسطين والقدس عندما نعود إلى تعاليم الإسلام والجهاد في سبيل الله، والنصر لنا بإذن الله. د- شراء القصص التربوية النافعة الإسلامية: مثل قصص القرآن – السيرة النبوية – أبطال الصحابة ... هـ- تعليم الأولاد بر الوالدين، وحسن معاملتهم، ومساعدتهم، وإطاعة أوامرهم بما يرضي الله سبحانه وتعالى. من صفات المؤمنين: هذه تذكرة لبعض صفات المؤمنين المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله  نذكرها بشرى لهم، وحثًا لهم على التزامها حتى يلقوا ربهم بها، وللمفرطين الغافلين عسى أن ينتبهوا من غفلتهم، فيلحقوا بركب الصالحين، قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ المؤمنون. نسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يتوفنا مسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أهم المراجع - توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، للشيخ محمد جميل زينو. - حاشية الأصول الثلاثة، للشيخ عبد الرحمن بن قاسم. - العقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية. - الكبائر، للحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. - كشف الشبهات في التوحيد، للإمام محمد بن سليمان التميمي. الفهرس مقدمة 5 العقيدة الصافية: 6 قتال المشركين: 8 التوحيد بالقلب واللسان والعمل: 10 الإسلام دين التفكر: 11 بعض من آيات الله في الأرض: 12 وفي أنفسكم أفلا تبصرون: 13 أين الله: 15 أركان الإيمان: 16 صفـات الله تعـالى: 16 القرآن كلام الله: 18 الإيمان باليوم الآخر: 18 الإيمان بالقضاء والقدر: 20 الإيمان قول وعمل: 22 كيف نربي أولادنا؟ 33 أ- تأسيس عقيدة الطفل 34 ب- تعليم الأولاد الصلاة 34 ج- التحذير من المحرمات 35 د- الآداب 36 من صفات المؤمنين 38 أهم المراجع 39 الفهرس 40 * * *