قيل لبعضهم عند موته قل لا إله إلا الله فأخذ يهذي بالغناء. وهذا رجلا ذهب إلى أحد البلاد المعروفة بالفساد، وهناك في شقته شرب الخمر أعزكم الله، قارورة ثم الثانية ثم الثالثة، هكذا حتى شعر بالغثيان، فذهب إلى دورة المياه ليتقيأ. أتدري أيها المحب ماذا حدث له؟ مات في دورة المياه، ورأسه في المرحاض أعزكم الله. ومنها أن شابا كان لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، وكان لا يصلي أضاع طريق الهداية، وعندما نزلت به سكرات الموت قيل له قل لا إله إلا الله، يا لها من لحظات حرجة، كربات وشدائد وأهوال. أتدرون ماذا قال: أخذ يردد أنه كافر بها. نسأل الله حسن الخاتمة. ومنها أن شابا حصل له حادث على إحدى الطرق السريعة. فتوقف بعض المارة لإسعافه فوجدوه يحتضر والموسيقى الغربية تنبعث بقوة من مسجل السيارة. فأطفئوه وقالوا له قل لا إله إلا الله، فأخذ يسب الدين ويقول لا أريد أن أصلي، لا أريد أن أصوم ومات على ذلك والعياذ بالله. يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق السريعة، فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي. فإذا سيارة مرتطمة بسيارة أخرى، حادث لا يكاد يوصف، شخصان في السيارة في حالة خطيرة. أخرجناهما ووضعناهما ممددين، وأسرعنا لإخراج صاحب السيارة الأخرى فوجدناه قد فارق الحياة. عدنا للشخصين فإذا هم في حالة الاحتضار، هب زميلي يلقنهما الشهادة، لكنا اللسنتهما ارتفعت بالغناء، أرهبني الموقف، وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت. أخذ يعيد عليهما الشهادتان وهما مستمران في الغناء، لا فائدة. ثم بدأ صوت الغناء يخفت شيئا فشيئا، سكت الأول وتبعه الثاني. فقدوا الحياة لا حراك. يقول لم أرى في حياتي موقفا كهذا، حملناهما في السيارة وقال زميلي إن الإنسان يختم له إما بخير أو بشر بحسب ظاهره وباطنه. قال فخفت من الموت، وأتعضت من الحادثه، وصليت ذلك اليوم صلاة خاشعة. قال وبعد مدة حصل حادث عجيب. شخص يسير بسيارته سيرا عاديا، وتعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة. ترجل عن سيارته لإصلاح العطل في أحد العجلات. جاءت سيارة مسرعة فارتطمت بسيارته من الخلف، سقط مصابا إصابات بالغة فحملناه معنا في السيارة. أتصلنا في المستشفى لاستقباله، شاب متدين في مقتبل العمر يبدو ذلك من مظهره. عندما حملناه سمعناه يهمهم فلم نميز ما يقول، ولكن عندما وضعناه في السيارة وسرنا سمعنا صوتا مميزا. إنه يقرأ القرآن وبصوت ندي، سبحان الله، لا تقول هذا مصاب. الدم قد غطى ثيابه وتكسرت عظامه، بل هو على ما يبدو على مشارف الموت. أستمر يقرأ بصوت جميل، يرتل القرآن، فجأة سكت. التفت إلى الخلف فإذا به رافعا إصبع السبابة يتشهد ثم انحنى رأسه. قفزت إلى الخلف، لمست يده، قلبه أنفاسه لاشيء، فارق الحياة. نظرت إليه طويلا، سقطت دمعة من عيني، أخبرت زميلي أنه قد مات. أنطلق زميلي في البكاء، أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف. أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا. وصلنا إلى المستشفى، وأخبرنا كل من قابلنا عن قصته. الكثير تأثروا، ذرفت دموعهم، أحدهم بعد أن سمع قصته ذهب وقبل جبينه. الجميع أصروا على الجلوس حتى يصلى عليه. أتصل أحد الموظفين بمنزل المتوفى، كان المتحدث أخوه الذي قال عنه: أنه يذهب كل أثنين لزيارة جدته التي في القرية، كان يتفقد الأرامل واليتامى والمساكين. كانت تلك القرية تعرفه، فهو يحضر لهم الكتب والأشرطة، وكان يذهب وسيارته مملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين، حتى حلوى الأطفال كان لا ينساها. وكان يرد على من يثنيه عن السفر، ويذكر له طول لطريق، كان يرد عليه بقوله إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته، وسماع الأشرطة النافعة، وإنني أحتسب إلى الله كل خطوة أخطوها. يقول ذلك العامل في مراقبة الطريق: كني أعيش مرحلة متلاطمة الأمواج تتقاذفني الحيرة في كل اتجاه بكثرة فراغي وقلة معارفي، وكنت بعيدا عن الله، فلما صلينا على الشاب، ودفناه واستقبل أول أيام الآخرة، استقبلت أول أيام الدنيا، تبت إلى الله عسى أن يعفو الله عما سلف، وأن يثبتني على طاعته، وأن يختم لي بخير. انتهت القصة بتصرف من رسالة لطيفة بعنوان الزمن القادم. قلت صدق ابن القيم لرحمه الله بقوله ( وسبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبرا، -أي من سوء الخاتمة- والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم). أقولُ كيف يوفقُ لحسنِ الخاتمةِ من حُرم نفسَه الاستقامةَ والطاعةَ لله، فقلبُه بعيدٌ عن الله غافلٌ عنه، عبدٌ لشهوتِه وهواه، اللهم اجعل خير أعمالِنا خواتيمها، وتب علينا إن أنت التواب الرحيم. وهذا موقف آخر، قال أبو عبد الله: لا أعرف كيف أروي قصتي التي عشتها قبل فترة والتي غيرت مجرى حياتي كلها، والحقيقة أنني لم أقرر الكشف عنها إلا من خلال إحساسي بالمسؤولية اتجاه الله عز وجل، ولتحذير بعض الشباب الذي يعصي ربه، وبعض الفتيات الآتي يسعين وراء وهم زائف أسمه الحب، يقول: كنا ثلاثة من الأصدقاء يجمع بيننا الطيش والعبث، كلا بل أربعة فقد كان الشيطان رابعنا، فكنا نذهب لاصطياد الفتيات الساذجات بالكلام المعسول ونستدرجهن إلى المزارع البعيدة، وهناك يفاجئنا بأننا قد تحولنا إلى ذئاب لا ترحم، لا نرحم توسلاتهن بعد أن ماتت قلوبنا ومات فيها الإحساس. هكذا كانت أيامنا وليالينا في المزارع وفي المخيمات والسيارات وعلى الشاطئ. إلى أن جاء اليوم الذي لن أنساه، ذهبنا كالمعتاد للمزرعة، كان كل شيء جاهز الفريسة لكل واحد منا، الشراب الملعون، شيء واحد نسيناه الطعام. وبعد قليل ذهب أحدنا لشراء طعام العشاء بسيارته، كانت الساعة السادسة تقريبا عندما أنطلق. ومرت الساعات دون أن يعود، وفي العاشرة شعرت بالقلق عليه. فانطلقت بسيارتي أبحث عنه، وفي الطريق شاهدت بعض اللسنة النار تندلع على جانب الطريق، وعندما وصلت فوجئت بأنها سيارة صديقي، والنار تلتهمها وهي مقلوبة على حد جانبيها. يقول أسرعت كالمجنون أحاول إخراجه من السيارة المشتعلة، وذهلت عندما وجدت نصف جسده قد تفحم تماما، لكنه كان ما يزال على قيد الحياة. فنقلته إلى الأرض وبعدد دقيقة فتح عينيه وأخذ يهذي النار النار. فقررت أن أحمله بسيارتي وأسرع إلى المستشفى. لكنه قال لي بصوت باكي لا فائدة لن اصل، فخنقتني الدموع وأنا أرى صديقي يموت أمامي. وفوجئت به يصرخ ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ نظرت إليه بدهشة وسألته من هو ؟ قال بصوت كأنه قادم من بئر عميق، الله. أحسست بالرعب يجتاح جسدي ومشاعري وفجأة أطلق صديقي صرخة مدوية ليلفظ أنفاسه الأخيرة. ومضت الأيام لكنا صورة صديقي الراحل وهو يصرخ والنار تلتهمه: ماذا أقول له؟ ماذا أقول له ؟ وجدت نفسي أتسأل وأنا ماذا سأقول له ؟ وليتساءل كل محروم ماذا سيقول لله ؟ يقول ففاضت عيناي واعترتني رعشة غريبة، وفي نفس اللحظة سمعت المؤذن لصلاة الفجر ينادي: الله أكبر، الله أكبر حيا على الصلاة. أحسست أنه نداء خاص بي يدعوني لأسدل الستار على فترة مظلمة من حياتي، يدعوني إلى طريق النور والهداية، فاغتسلت وتوضأت وطهرت جسدي من الرذيلة التي غرقت فيها لسنوات. أديت الصلاة ومن يومها لم يفوتني فرض واحد. انتهت من رسالة لطيفة بعنوان (للشباب فقط). ولعلَ الكثيرين من المحرومين يتساءلونَ أين الطريقَ وما هو العلاج ؟ وأقولُ العلاجُ ما قالهُ النبي (صلى الله علية وآله وسلم) لسفيانُ أبنُ عبد الله حينما قال يا رسولَ الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنُه أحداً غيرَك؟ فقال له الرسولُ (صلى الله علية وآله وسلم) ( قل آمنتُ بالله ثم أستقم ). فيا أيها المحروم ويا أيتها المحرومة: لنقل كما قال (صلى الله علية وآله وسلم) آمنا بالله ثم لنستقم على طاعة الله ونؤديَ طلب الله عز وجل منا. لزوم الصراط المستقيم من غير ميل عنه يمنة ولا يسرة. يظن بعض السامعين لهذا الكلام أن الاستقامةَ نفلٌ فمن أرادها كان مستقيماً ومن لم ير فلا بأس عليه. وهذا مفهومُ خاطئ، فإن كلَ مسلمٍ مطالبُ بالاستقامةِ، قال تعالى: ( فأستقم كما أمرت ومن تاب معك ). وثمرات الاستقامةِ ثمرا ت عظيمةٌ تدفع صاحبَها إليها إلى الالتزام بشرع الله ومجاهدة النفس. يقول الحق عز وجل ( إن الذين قالوا ربُنا اللهُ ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا، وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم ). ويقول عز وجل ( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه، ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا ). كم من المحرومين المعذبين ؟ كم من المعذبات المحرومات ؟ من شبابنا ورجالنا وإخواننا وأخواتنا نسأل الله لهم الهداية. لقد كان العرب في جوف الصحراء يعيشون في شظف حتى استقاموا على الطريقة ففتحت لهم الأرض التي يغدقون فيها الماء، وتتدفق فيها الأرزاق. ثم حادوا عن الطريقة فسلبت منهم خيراتها استلابا. والله يقول (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ). وكلُ ما سبق أيها الحبيبُ من صورِ الحرمان إنما هو بسبب البعدُ عن الاستقامةِ، وينال الإنسان من الحرمان بقدر بعده عن طاعة الله. أخي الحبيب، أيتها الأخت الغالية، قف مع نفسِك لحظاتٍ بعيداً عن الدنيا بذهبها ومناصبِها وقصورِها اجلس مع نفسكَ بعيداً عن الأصحابِ والأولاد. أخلو بنفسك وأسألها لماذا أعيشُ ؟ وماذا أريد ؟ وما هيَ النهاية ؟ من أين أتيت ؟ وإلى أين سأذهب ؟ ولكن إياك أن تكون كذلك البائس المحروم، الشاعر النصراني الذي يقول: جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ولقد أبصرت قدامي طريقا فمضيت وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري لست أدري. إلى أخر تلك الطلاسم والأسئلة التي يثيرها في قصيدته ( حيرة وتردد). ذهولا يشعر به المحرومون من نعمة الإيمان، أما نحن المسلمون المؤمنون فلا تقلقنا هذه الأسئلة ولله الحمد والمنة، فإننا نجد في ديننا الإجابة المفصلة عليه. إننا نجد في قرءأننا وفي أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام الكلام الشافي الصادق عنها. إن قرءأننا علمنا أننا نعيش لغاية وهدف: ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون). فهل أنت تعيش لهدف أيها الأخ الحبيب ؟ وعلمنا أن كل شيء في حياتنا إنما هو لله: ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له) فهل كل شيء في حياتك لله ؟ فلا تعملُ إلا ما يرضي الله، ولا نتكلمُ إلا بما يرضي الله، فلا نرضي إلا الله ولو سخطَ الناسُ كلُهم. فنحن نردد كل لحظه : لا إله إلا الله. ونعلم أن من عاش عليها صادقا مخلصا عاش عزيزا سعيدا. وأن من مات عليها صادقا مخلصا مات شهيدا في جنة عرضها السماوات والأرض. إذا فاسمع وأعلم أيها المحروم: إن من يعيش لهدف ومبدأ يتحرك ويعمل ويركع ويسجد ويذهب ويجيء ويحرص على وقته، ولا يجعل دقيقة للفراغ، فإن الفراغ قاتل والعطالة قاتلة، وأكثر الناس هموما وغموما العاطلون الفارغون، إنك يوم تفرغ يدخل عليك الهم والغم والوساوس والهواجس، وتصبح ميدانا لألاعيب الشياطين. أيها الأخ ويا أيتها الأخت: أجعلِ الهم هما واحدا هم الآخرةِ، هم لقاء الله عز وجل، هم الوقوفِ بين يديه: ( يومئذٍ تعرضونَ لا تخفى منكم خافية ). أجعل عملَك خالصاً لوجه الله، احرص على رضاء الله، لا تنتظرَ شكراً من أحد. أيها الأخ ويا أيتها الأخت: (المحرومون) أهديه إلى : المحرومين من نعمةِ الإيمان، الفاقدينَ حلاوتَه وأنسَه وطعمَه. أهديه إلى المحرومين من لذةِ الدمعةِ والبكاءِ خشيةً وخوفاً من الله. أهديه إلى المحرومين من لذةِ السجودِ ومناجاةِ علامِ الغيوب. أهديهِ إلى المحرومين من لذةِ قراءةِ القرآن وتدبرِ معانيه وتذوق معانيه. أهديهِ إلى المحرومين من لذةِ الأخوةِ والحبِ في الله. أهديهِ إلى المحرومين من بركةِ الرزقِ وأكلِ اللقمةِ الحلال. أهديه إلى المحرومين من بركةِ العمرِ وضياعهِ في الشهوات واللذات. أهديه إلى المحرومين من انشراحِ الصدرِ وطمأنينته وسعادته. أهديه إلى المحرومين من بر الوالدين والأنسِ بهما. وجماعِ ذلك كلِه أقول: أهدي هذا الموضوع إلى المحرومين من الاستقامةِ والطاعة والالتزام. إلى أولئك الذينَ أصابتهم الوساوس والشكوك، واستبد بهم الأسى والشقاء، واجتاحهم القلق والظلام، ونزلت بهم الهموم والغموم. إلى الذين حُرموا زاد الإيمان ونور الإسلام. إلى البائسينَ ولو عاشوا بالرغدِ والنعيم الذين حُرموا نعمة الإيمان، لقد فقدتم كل شيء وإن وجدتم المال والجاه. إلى الذين حُرموا لذة الاطمئنان وبرد الراحة، لقد فقدتم كل شيء وإن ملكتم الدنيا بأسرها. إلى الذين حُرموا السعادة والأنسَ، وأضاعوا الطريقَ. إلى أولئكَ جميعاً أقول اسألوا التائبين يومَ ذاقوا طعم الإيمان، يوم اعترفوا بالحقيقة. واللهِ ثم والله ما رأيت تائباً إلا وقالها، ولا نادما إلا وأعلنها صرخاتُ متوجعٍ وزفرات مذنب وآهات نادم اختصروها بكلماتٍ قالوا: ( نشعرُ بالسعادةِ لحظات، وقت الشهوة فقط وعند الوقوع بالمعصيةِ واللذة، وبعدها قلقٌ وحيرةٌ وفزعٌ واضطرابٌ وضياع وظلام شكوكٌ وظنون، وبكاء وشكوى، عقد وأمراض نفسية). وصدق الله عز وجل يوم أن قال : ( فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى ). إذا فهو في أمان من الضلال والشقاء، متى ؟ بالهداية، بالاستقامة، باتباع هدي الله. والشقاء ثمرة الضلال ولو كان صاحبه غارقا في متاع الدنيا بأسرها، فما من متاع حرام إلا وله غصة تعقبه وضيق يتبعه، لذلك قال الله عز وجل بعد هذه الآية مباشرة: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ). قال ابن كثير ( أي في الدنيا فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرجا لضلاله وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلقي وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد، فهذا من ضنك المعيشة) انتهى كلامه رحمه الله. فإلى المحرومين لماذا أعرضتم عن ذكر الله ؟ لماذا حرمتم أنفسكم سماع المواعظ ومجالس الذكر ؟ تُدعون فلا تأتون، وتُنصحون فلا تسمعون، تغفلون أو تتغافلون، بل ربما تسخرون وتهزئون. ولكن أسمعوا النتيجة، أسمع للنتيجة المرة، اسمعي للنهاية التي لا بد منها: قال الحق عز وجل: ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) هذا في الدنيا. أما في الآخرة (ونحشره يوم القيامة أعمى، قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى ). فنسيتها، أعرضت عنها، أغفلتها، تناسيتها، إذا فالجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان: ( وكذلك اليوم تنسى ). ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ). ( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا، إنا نسيناكم ). ( نسوا الله فنسيهم، إن المنافقين هم الفاسقون ). أيها المحرومون: لماذا نسيتم لقاء ربكم؟ لماذا هذا الإعراض العجيب؟ إنكم حرمتم أنفسكم فحُرمتم السعادة والراحة والاستقرار النفسي. لماذا نسيتم وتناسيتم ما قدمت أيديكم ؟ لماذا غفلتم، ولماذا غفلنا عن المعاصي والذنوب ؟ أسمع لقول لحق عز وجل: ( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ). ونسي ما قدمت يداه، أين النفس اللّوامة ؟ أين استشعار الذنب ؟ أين فطرة الخير ؟ أين القلب اللين الرقيق؟ أين الدمعة الحارة ؟ أسمعوا وعوا : ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا، يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، ويقول الكافر يا ليتني كنت تراب ). يقسم بعض التائبين أنه ما ركع لله ركعة وما سجد لله سجدة، فأي حرمان بعد هذا الحرمان ؟ أي حرمان بعد هذا الحرمان ؟ عفوك اللهم عنا….خيرُ شيء نتمنى ربي إنا قد جهلنا…… في الذي قد كان منا وخطينا وخطلنا….…ولهونا وأسأنا إن يكو ربي خطأنا …ما أسأنا بك ظنا فأنلنا الختم بالحسنى….وإنعاما ومنا أيها المحرمون: لا راحت للقلب ولا استقرار إلا في رحاب الله، إلا في الهداية، إلا في الاستقامة والالتزام بأوامر الله. يتصور بعض المحرومين والمحرومات أن الراحة والسعادة في المال والمنصب والسفر إلى الخارج. ذكرت جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 21/4/1415هـ نقلا عن مذكرات زوجة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قالت : ( أنها حاولت الانتحار أكثر من مرة، وقادة السيارة إلى الهاوية تطلب الموت، وحاولت أن تختنق لتخلص من همومها وغمومها ) ومن الناس من حُرم السعادة الزوجية: حُرم السعادةَ الزوجيةَ والعيشةَ الهنيئةَ، فهوَ لا يجدُ السكن النفسي، يعيشَ في قلقٍ واضطرابٍ، وشجارٍ وخصام، كم شكا هؤلاء لنا ؟ كم شكوا حياتِهم مع أزواجِهم وفي بيوتِهم ؟ يعيشُ بدونا مودةٍ ولا رحمةٍ، بدون لذة ولا متعةٍ، وبينَه وبين زوجِه وحشةً فلما كلُ ذلك ؟ قال بعضُ السلف - اسمع يا رعاك الله - قال بعضُ السلف : ( إني لأعصِ الله فأرى ذلكَ في خلقي دابتي وزوجتي). أيها الزوجان: ربما تحُرم السعادة الزوجية والراحة النفسيةَ بسبب الذنوبِ والمعاصي منكما أو من أحدكما. انظرا إلى البيت وما فيه من وسائل فساد تغضب رب العباد. انظرا إلى حرصكما على الفرائض والطاعات والاهتمام بها والصلاة في أوقاتها. قفا مع بعضكما وستجدان أن السبب معصية الله لا شك. قال الله تعالى : (وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير). إنه ما من مشكلةٍ تقعُ بين زوجين إلا بمعصية أو ذنبٍ، فكم في البيوتِ من المحرومين بسبب معصيةِ ربِ العالمين ؟ وأقف هنا فقد سبق الحديث عن هذا الموضوع بدرسين بعنوان (السحر الحلال). إياك وإهمال التوبة مهما كانت معاصيك والمهم أن تكون جادا في التوبة صادقاً فيها. أغلق أبواب الشيطان، وسد المنافذ، وافعل الأسباب وستجد أثر ذلك على قلبك. حفظك الله ورعاك من كل سوء وأعانك ووفقك للتوبة النصوح من شريط المحرومون الشيخ ـ ـ إبراهيم الدويش -- فريق جوال الخير معاً على طريق الخير تواصل- استفسار- اقتراح www.jawalk.ws 0558118112 jawalk4@hotmail.com الإصدار السادس ويمكنكم زيارة مقرنا في مكتب الدعوة بحي الروضة بالرياض هاتف وفاكس: 012401132 لا تنسونا من صالح الدعاء